شرفة تطل على نفسي

“غدك الموعود طفل لم تلده الأمنيات بعد.” — روضة الحاج

على الشرفة أقف كل يوم، أراقب الشمس والقمر، وأرفع عيني نحو السماء وهي تتدرّج ألوانها كل دقيقة. أتابع حركة الطيور، وضجيج السيارات في الشارع، وكيف يمشي البعض مسرعين كأنهم يطاردون وقتًا هاربًا، بينما آخرون يسيرون ببطء كأنهم يملكون كل الوقت.

تختلف الوجوه، وتختلف معها المشاعر. أعيش وسط مدينة كبيرة، ولم تتح لي الفرصة يومًا أن أرى بائع الخضار وهو يفتح محله صباحًا، يرطّب خضاره، ويرتّب بضاعته، أو كيف يجلس على مقعده يحتسي كوب الشاي الزجاجي بهدوء.

تلك هي شرفتي، التي أنظر منها كل يوم، أراقب أفكاري، وأرتّب أحداث حياتي، وأتدرّب على تقبّل الأمور كما هي. الشرفة ليست مكانًا للترف، بل مساحة أتعرف فيها على نفسي، وأشعر فيها بسلام لا يشبه أي مكان آخر.

كم أشعر بالأمان وأنا عند شرفتي، كأنها تدعوني لأقف عند روحي، وأسمع همسها. وكأن كل شيء ينتظرني هنا، لأتأمل نفسي من جديد… كل يوم.

وربما، حين تأتي الأعوام المقبلة، سأكتشف أنني كنت أكتب فصولها هنا، بصمت، على هذه الشرفة.


نوف


التعليقات

أضف تعليق